السباق الرئاسي يحتدم في كوريا الجنوبية.. المعارضة تتقدم قبل الحسم الانتخابي”

تعيش كوريا الجنوبية لحظة سياسية مفصلية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 3 يونيو، والتي تأتي في أعقاب مرحلة غير مسبوقة من عدم الاستقرار السياسي، منذ إعلان الرئيس السابق يون سوك يول الأحكام العرفية في ديسمبر الماضي، مما فاقم الانقسامات داخل الطبقة السياسية وأعاد خلط الأوراق في المشهد الانتخابي.
أظهر أحدث استطلاع رأي أجراه معهد "غالوب كوريا" بين 20 و22 مايو، أن مرشح الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي ميونج، يتصدر السباق بنسبة تأييد بلغت 45%، رغم تراجعها بست نقاط مئوية عن الأسبوع السابق، في مقابل 36% لمنافسه المحافظ ووزير العمل السابق، كيم مون سو، مرشح حزب "قوة الشعب" الحاكم. هذا التقدم النسبي يعكس مفعول المناظرة التلفزيونية الأولى بين الخصمين، والتي أعادت بعض الزخم لحملة لي، الموصوف بأنه "مرشح الإصلاحيين"، خاصة مع صعوده لأعلى نسبة دعم منذ تأسيس حزبه.
مرشح حزب الإصلاح الجديد
في المقابل، يبرز لي جون سوك، مرشح "حزب الإصلاح الجديد"، كثالث أقوى المرشحين بنسبة 10%، ما يضعه في موقع الملكmaker المحتمل. هذا ما دفع دوائر محافظين إلى اقتراح انسحابه لصالح كيم مون سو، على أمل توحيد الكتلة المناهضة للي جاي ميونج. لكن لي جون سوك حسم الجدل في مؤتمر صحفي صاخب، معلناً استمراره في السباق، ومتهماً حزب كيم بممارسة ضغوط "مهينة" من خلف الكواليس.
هذا التعقيد يعكس حالة من التشظي داخل اليمين الكوري الجنوبي، مقابل تماسك نسبي داخل صفوف الحزب الديمقراطي، رغم الضغوط القانونية التي واجهها لي جاي ميونج، الذي نجا سياسياً من محاولة استبعاده بسبب حكم سابق، بعدما أمرت المحكمة العليا بإعادة محاكمته.
الانتخابات المبكرة لا تجري فقط في ظل استقطاب سياسي، بل في خضم تحديات اقتصادية كبيرة، أبرزها آمال المستثمرين في خروج البلاد من حالة الركود، وتعامل الرئيس القادم مع تداعيات السياسات الحمائية الأميركية، خاصة في ظل استمرار الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي أثّرت سلباً على الصناعات الكورية الكبرى.
انخفاض نسبة الناخبين
مع انخفاض نسبة الناخبين المترددين – بحسب الاستطلاع – إلى مستويات ما قبل انتخابات 2022، تبدو الحملة الانتخابية مرشحة لمزيد من التصعيد، خاصة مع اقتراب المناظرة التلفزيونية الثانية.
تضع هذه الانتخابات كوريا الجنوبية أمام معادلة شديدة الحساسية: فإما انتصار مشروع إصلاحي يعِد بإعادة ضبط العلاقة بين الدولة والمجتمع، أو عودة القوى المحافظة إلى المشهد في محاولة لاستعادة الاستقرار عبر بوابة التحالفات. لكن الثابت أن البلاد تعاني من أزمة ثقة سياسية ومجتمعية، لا يمكن تجاوزها فقط عبر صندوق الاقتراع، بل تتطلب أيضاً قيادة قادرة على توحيد صفوف المجتمع المنقسم وتقديم رؤية اقتصادية مستجيبة لمخاوف الداخل ومقتضيات التحولات الدولية.