ميرتس يدعو بكين لدعم وقف إطلاق النار في أوكرانيا.. وشي يعلن شراكة استراتيجية شاملة مع برلين

في ظل الأزمة المستمرة في أوكرانيا والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة بين الغرب والصين، تتخذ ألمانيا موقفاً معقداً يسعى للموازنة بين دعم الجهود الغربية لإنهاء الصراع وتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع بكين. خلال مكالمة هاتفية جمعت المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالرئيس الصيني شي جين بينج، دعا ميرتس إلى دعم الصين لجهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، معتبراً أن هذه الخطوة حيوية في المرحلة الراهنة من الأزمة، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه محادثات السلام.
المفاوضات مستمرة
يشير حديث ميرتس إلى أن المفاوضات لاتزال في بداياتها، وقد تمتد لشهور، وهو ما يعكس وعي برلين بحجم التعقيدات السياسية والعسكرية المحيطة بالأزمة الأوكرانية. في الوقت ذاته، يؤكد ميرتس على أهمية الحفاظ على وحدة الغرب، خاصة التعاون الوثيق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، كركيزة رئيسية في الاستراتيجية الألمانية. وتبدو ألمانيا عازمة على عدم التهاون في مواجهة أي تهديدات محتملة، خاصة في مناطق حساسة مثل دول البلطيق، مع تأكيده على أن هناك وعيًا بعدم وجود حلول سريعة.
في الجانب الآخر، يطرح شي جين بينج نموذجاً للتعاون الصيني-الألماني بوصفه شراكة استراتيجية شاملة تحظى بأهمية متزايدة في ظل تقلبات النظام الدولي. وعبر عن استعداد بلاده لدخول مرحلة جديدة من التعاون مع ألمانيا، مع التركيز على دعم التجارة الحرة، التعددية، وتعزيز الاستثمارات الثنائية، خصوصاً في مجالات التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الكم. هذه التصريحات تشير إلى رغبة الصين في تعميق علاقاتها الاقتصادية والتقنية مع ألمانيا، رغم الضغوط الدولية المتزايدة.
أهمية الصين
تعكس تصريحات ميرتس لاحقاً سياسة ألمانية أكثر توازناً بين الحفاظ على نقدها للصين، خاصة في ملف حقوق الإنسان والتحديات الأمنية، وبين الحاجة إلى التعاون الاقتصادي. ومن اللافت تحذيره المستمر للشركات الألمانية بعدم تقليل تعاملها مع السوق الصينية، مما يعكس أهمية الصين كسوق واستثمار بالنسبة لألمانيا. في الوقت ذاته، يسعى ميرتس إلى إعادة تقييم العلاقات مع الحلفاء التقليديين في أوروبا وأميركا، في ظل تصريحات تشير إلى رغبة ألمانيا في تعزيز استقلاليتها عن الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل تصاعد الخطاب العدائي عبر الأطلسي.
يرى المحللون أن هذه السياسة تمثل تحركاً برلينياً نحو سياسة خارجية أكثر واقعية ومتوازنة، تحاول استثمار موقع ألمانيا الاقتصادي والسياسي في ظل تراجع تأثير الولايات المتحدة النسبي وتنامي قوة الصين. ولذا، من المتوقع أن تصبح أوروبا، وخصوصاً ألمانيا، أقل انخراطاً في مبادرات أميركية تهدف إلى تضييق الخناق على الصين، ما يشير إلى إعادة ترتيب خرائط التحالفات العالمية في السنوات المقبلة.