اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

مسار شائك نحو السلام في أوكرانيا.. واشنطن تضغط وموسكو تناور

الحرب الروسية الأوكرانية
الحرب الروسية الأوكرانية

في تطور جديد ضمن المساعي الدولية لإنهاء الحرب الممتدة بين روسيا وأوكرانيا، دعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو نظيره الروسي سيرجي لافروف إلى الدخول في حوار "بنّاء وبحسن نية" مع أوكرانيا، معتبراً أنه "السبيل الوحيد" نحو تسوية النزاع. هذه الدعوة تأتي في وقت حساس يشهد فيه الملف الأوكراني تحولات ميدانية وتكتيكية، كما تعكس رغبة أميركية متجددة في إحياء المسار الدبلوماسي، خاصة بعد التبدّل الملحوظ في خطاب الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترمب.
خلال الاتصال الهاتفي الذي جمع روبيو ولافروف الأربعاء، تم التباحث حول الاستعدادات للجولة الجديدة من المفاوضات التي ستُعقد في إسطنبول في الثاني من يونيو، وسط تبادل مذكرات التفاهم بين الطرفين وتأكيد كل من موسكو وكييف على تحضيرات "رؤية سياسية" لما بعد المواجهة العسكرية.

أبعاد الاتصال الأميركي-الروسي

بيان الخارجية الأميركية شدد على ضرورة وقف الحرب عبر الوسائل الدبلوماسية، ورحب بالخطوة الإنسانية المتمثلة في تبادل الأسرى بين الجانبين، وهو تطور رمزي إيجابي، وإن لم يعكس حتى الآن تحولاً حقيقياً في ديناميكية الصراع. في المقابل، أظهر بيان الخارجية الروسية لهجة أكثر واقعية، إذ أكد لافروف أن بلاده تعمل على بلورة مذكرة تفاهم تعكس رؤيتها لأسباب النزاع وحلوله، مشيراً إلى "تقدم" في تنفيذ التفاهمات المبرمة بين الرئيسين بوتين وترمب خلال لقائهما الأخير في 19 مايو.
هذا التلاقي الأميركي-الروسي، رغم نبرته التصالحية، يخفي تناقضات جوهرية في أهداف الطرفين. ففي حين تسعى واشنطن إلى تقريب وجهات النظر ودفع موسكو إلى تقديم تنازلات، لا تزال الأخيرة تصر على تأمين ما تسميه بـ"ضمانات أمنية" على حدودها، وتطالب باعتراف دولي بضم مناطق أوكرانية، وهو ما تعتبره كييف وحلفاؤها "خطاً أحمر".

رؤية كييف.. وقف فوري وشامل لإطلاق النار

في الجانب الأوكراني، أعلن وزير الدفاع رستم عمروف تسليم روسيا مذكرة تفاهم تعرض الخطوات العملية المطلوبة لوقف إطلاق النار. وأكد أن أوكرانيا مستعدة لهدنة شاملة وغير مشروطة، لكن موسكو لم تُقدم حتى الآن على خطوة مماثلة، ما يثير شكوكاً حول جديتها في المفاوضات.
ويبدو أن كييف، رغم تصعيدها العسكري الأخير، تراهن على الضغط الدولي والحنكة التفاوضية لانتزاع مكاسب سياسية، خصوصاً أن مذكرات التفاهم أصبحت أداة أساسية في معركة الإرادات بين الطرفين.

ترمب والقلق من "التلاعب الروسي"

الموقف الأميركي يشوبه الحذر. فقد عبّر الرئيس ترمب عن تردده في فرض عقوبات جديدة على روسيا في هذا التوقيت، موضحاً أنه لا يريد "إفساد فرصة محتملة لوقف إطلاق النار". وألمح إلى احتمال وجود تكتيك روسي للمماطلة في المفاوضات، قائلاً: "سنكتشف ما إذا كانوا يتلاعبون بنا".


تصريحات ترمب تعبّر عن تناقض واضح في السياسة الأميركية: من جهة، تشجع واشنطن على الحوار، ومن جهة أخرى، لا تثق تماماً في نوايا موسكو. وقد يكون ذلك انعكاساً لتجاذبات داخلية في الإدارة الأميركية، بين جناح يريد التصعيد وردع روسيا، وآخر يسعى لإنهاء الحرب ولو على حساب تقديم تنازلات مؤلمة لكييف.

جولة إسطنبول.. محاولة أم منعرج حاسم؟


الجولة المقبلة من المحادثات المباشرة، التي ستُعقد في 2 يونيو في إسطنبول، ستكون أول لقاء رسمي من نوعه منذ أكثر من عامين. ورغم الشكوك حول نجاعة هذا اللقاء، إلا أن استعداد الطرفين لتقديم مذكرات تفاهم متبادلة يعطي مؤشراً على إمكانية بلورة أرضية تفاهم مشترك، ولو كانت أولية.
مع ذلك، تبقى عوائق جوهرية تقف في طريق أي تقدم ملموس، أبرزها:
إصرار موسكو على مطالب سيادية تتعلق بالأراضي.
تمسك كييف بشروط مسبقة لوقف إطلاق النار تشمل انسحاباً روسياً كاملاً.
هشاشة المواقف الدولية بعد عودة ترمب، وتراجع الحماسة الغربية لفرض عقوبات جديدة.
استمرار التصعيد الميداني وتبادل الضربات الجوية، ما يقوض أي مناخ من الثقة.

موضوعات متعلقة