أزمة إنسانية بلا أفق.. أونروا تحذر من كارثة غذائية في غزة

في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة، أطلقت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحذيرًا جديدًا يعكس حجم المأساة الإنسانية المتفاقمة. وأعلنت الوكالة، اليوم الجمعة، أن لديها مخزونًا في مستودعاتها بالأردن يحتوي على ما يكفي من المواد الغذائية لإطعام أكثر من 200 ألف شخص في غزة لمدة شهر، لكن هذه الإمدادات لا تزال بعيدة عن متناول مئات الآلاف ممن يكافحون للبقاء في ظل ندرة الغذاء وانهيار الخدمات الأساسية.
وفي منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، شددت الأونروا على أن "غزة بحاجة إلى مساعدات على نطاق واسع"، داعية إلى ضرورة "السماح بتدفق الإمدادات دون عوائق أو انقطاع"، في إشارة إلى القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على دخول المساعدات منذ بدء الحرب الأخيرة.
ورغم سماح إسرائيل قبل أسبوع بدخول كمية محدودة من المساعدات إلى القطاع، فإن هذا لا يُعدّ اختراقًا حقيقيًا في جدار الحصار المفروض منذ نحو ثلاثة أشهر، والذي تسبب في شلل شبه تام للحياة اليومية، خاصة مع تضرر شبكات المياه والكهرباء، وتوقف عجلة الاقتصاد المحلي، فضلًا عن تزايد أعداد النازحين داخل القطاع.
أزمة المساعدات
القيود على دخول المساعدات تأتي في وقت تشهد فيه غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخها الحديث، حيث يعاني السكان من انعدام الأمن الغذائي، ويفتقر كثيرون إلى الماء النظيف والرعاية الصحية الأساسية. كما يعاني القطاع من أزمة نزوح جماعي بعد تدمير آلاف المنازل والمرافق الحيوية.
بيان الأونروا يكشف هشاشة الوضع الإنساني في غزة، كما يعكس عجز المنظمات الدولية عن تأمين ممرات آمنة ودائمة لإيصال الإمدادات. اللافت أن الأونروا تملك الموارد اللوجستية والمواد اللازمة، لكنها تُقيَّد سياسيًا وعسكريًا، ما يسلط الضوء على التحديات المتزايدة أمام العمل الإنساني في مناطق النزاع. فالمشكلة لم تعد في نقص التمويل أو توفر المواد، بل في القدرة على الوصول.
بينما تستمر الحرب والحصار، تُترك غزة معلقة بين الوعود الدولية والواقع القاسي. وتحذير الأونروا ليس سوى إنذار آخر ضمن سلسلة من النداءات التي لم تجد بعد آذانًا صاغية من المجتمع الدولي. ومن دون تحرك عاجل وفعّال لفتح المعابر والسماح بتدفق المساعدات دون شروط سياسية أو عسكرية، فإن كارثة إنسانية بحجم غير مسبوق تلوح في الأفق.
خطة ويتكوف لوقف إطلاق النار في غزة
كان المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، السفير ستيف ويتكوف، قدم خطة تتضمن تصورًا أميركيًا لهدنة مؤقتة في غزة تمتد ستين يومًا، على أن يتم خلالها إطلاق سراح جزء من الرهائن الإسرائيليين والمحتجزين الفلسطينيين، وبدء مفاوضات تؤسس لوقف إطلاق نار دائم.
لكن هذا المقترح، المعلن في لحظة متداخلة بين الحرب والسياسة، لم يأتِ من البيت الأبيض الحالي، بل من الرئيس دونالد ترمب، الذي يطرح نفسه مجددًا كوسيط دولي وفاعل على الساحة، في تحرك يثير أسئلة عميقة حول شرعية المبادرة وأبعادها السياسية والقضائية.
تفاصيل المقترح
تحمل الوثيقة عنوانًا يوحي بالحل: "إطار للتفاوض على اتفاق لوقف إطلاق النار الدائم". إلا أن التفاصيل تُظهر توافقًا مشروطًا ومركبًا، قد يؤدي إلى تثبيت وقف مؤقت لإطلاق النار لكنه في المقابل يُعيد تدوير الشروط والتوازنات نفسها التي فشلت المبادرات السابقة في تجاوزها.
يبدأ المقترح بهدنة لمدة 60 يومًا، بضمانة شخصية من ترامب لالتزام إسرائيل، ويتضمن في مرحلته الأولى إطلاق سراح 10 رهائن أحياء و18 من الجثامين الإسرائيليين مقابل إفراج إسرائيل عن 125 سجينًا محكومًا بالمؤبد و1111 أسيرًا آخرين من غزة، إضافة إلى رفات 180 فلسطينيًا.
المساعدات الإنسانية تبدأ فورًا بعد قبول حماس بالاتفاق، وتُشرف على توزيعها هيئات دولية مثل الأمم المتحدة والهلال الأحمر. أما الجانب العسكري، فتنص الوثيقة على إيقاف الهجمات الجوية الإسرائيلية لـ10-12 ساعة يوميًا، مع إعادة انتشار تدريجي للجيش الإسرائيلي شمالًا ثم جنوبًا.