سباق الدبلوماسية.. ترمب يضغط وموسكو تبدي استعدادها لإنهاء الحرب.. هل اقتربت لحظة السلام؟

في منعطف جديد للأزمة الأوكرانية، تكثّف الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس الأميركي السابق والحالي المرشح الأوفر حظاً دونالد ترمب، ضغوطها على طرفي النزاع، بينما أبدت موسكو، عبر تصريحات لوزير خارجيتها سيرجي لافروف، استعدادها المبدئي للتفاوض، ما يفتح نافذة جديدة لاحتمال التسوية، لكن بشروط وتعقيدات لا تزال قائمة.
زيارة ستيف ويتكوف، مبعوث ترمب الخاص، إلى موسكو تمثل ذروة مرحلة جديدة من الجهود الأميركية لإنهاء الحرب التي أنهكت الطرفين وخلّفت خسائر بشرية وميدانية متزايدة. ويتكوف، الذي سبق له عقد ثلاثة اجتماعات مطولة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يعود هذه المرة بموقف أكثر حزماً مدعوماً بتصريحات مباشرة من ترمب تطالب بوقف القتال، وتنتقد علانية الهجمات الروسية الأخيرة على العاصمة الأوكرانية كييف.
تصريحات ترمب.. بين التحذير والدعوة للتنازل
وفي منشور على منصة "تروث سوشيال"، خاطب ترمب بوتين مباشرة قائلاً: "توقّف، فلاديمير!"، واصفاً الهجمات الأخيرة بـ"غير الضرورية وسوء التوقيت"، مضيفاً أن النزيف البشري في الحرب أصبح لا يُحتمل، مع سقوط آلاف القتلى أسبوعياً. لكن ترمب لم يخفِ قناعته بأن كييف ليست في موقف قوة، ملمحاً إلى ضرورة تقديم تنازلات من الجانب الأوكراني أيضاً.
وبينما يشدد ترمب على أن موسكو "ليست عقبة أمام السلام"، يصر على أنه يفرض "ضغوطاً هائلة" على بوتين، مؤكداً وجود "موعد نهائي خاص" لإنهاء الحرب، ما يشير إلى أن صبر واشنطن بدأ ينفد، وقد نشهد تحولات في الموقف الأميركي إذا لم تُحدث المفاوضات اختراقاً قريباً.
لافروف: نتحرك في الاتجاه الصحيح ولكن
من الجانب الروسي، جاءت لهجة لافروف أكثر مرونة من المعتاد، إذ أبدى اتفاقاً مبدئياً مع توجهات ترمب الداعية إلى التفاوض، لكنه في الوقت ذاته أشار إلى "قضايا عالقة" لا تزال بحاجة إلى حل، رافضاً الإفصاح عن تفاصيلها. هذا التصريح يضع الكرة في ملعب الترتيبات الدبلوماسية المقبلة، خصوصاً أن موسكو، رغم استعدادها للحديث، لا تزال تحتفظ بأوراق ضغط عسكرية وميدانية على الأرض.
الناتو في المعادلة.. دور ستولتنبرج وتأثيره على ترمب
في تطور لافت، ظهر الأمين العام السابق لحلف الناتو، ينس ستولتنبرج، كلاعب دبلوماسي من خلف الكواليس، برفقة رئيس الوزراء النرويجي في واشنطن. ووفقاً لتقرير نشرته مجلة "بوليتيكو"، يتمتع ستولتنبرج بعلاقة ثقة شخصية مع ترمب، قد تُسهم في تعديل موقفه تجاه دعم أوكرانيا وتعزيز فرص التسوية المتوازنة.
وفي لقائه مع ترمب، أكد ستولتنبرج أن الدفاع عن أوكرانيا "يتوافق مع المصالح الأمنية الغربية"، محذراً من أن انتصار بوتين سيُشكل سابقة خطيرة لقادة استبداديين آخرين، في مقدمتهم الرئيس الصيني شي جين بينغ.
تباين داخل الإدارة الأميركية والانسحاب من محادثات لندن
رغم هذا الزخم الدبلوماسي، لا تزال الولايات المتحدة تُرسل إشارات متضاربة، حيث انسحبت مؤخراً من محادثات سلام كانت مقررة في لندن مع الجانب الأوكراني، ما قد يُفهم كمؤشر على عدم رضا واشنطن عن وتيرة المفاوضات، أو ربما محاولة لإعادة تشكيل أوراق التفاوض بضغط مباشر على موسكو.
بين تصاعد الضغوط الأميركية، وتلميحات روسية بالانفتاح على التفاوض، واستمرار القصف وسقوط الضحايا، تبدو الحرب الأوكرانية مقبلة على لحظة حاسمة. فهل تنجح جهود ويتكوف وترمب في تحقيق اختراق حقيقي؟ أم أن القضايا "العالقة" ستُبقي على دوامة الحرب مفتوحة لفصول جديدة من الصراع والتكتيك السياسي؟ الإجابة قد لا تطول كثيراً، فموعد ترمب النهائي بدأ يضغط بقوة.