على موسى يكتب : وقفة مع كلمة جميل في القرآن الكريم
إن من ينتبه إلى كلمة "جميل" في القرآن الكريم، سيجد أنها لم تأتي في أوامر عادية، وانما جاءت في 3 مواقف في غاية الصعوبة، مثل لحظات الألم، الجرح، والخذلان.
يعني لما النفس بتبقى أقرب للانفجار…
ربنا اختار لك تكون جميل في رد فعلك و شعورك و تصرفاتك.
"فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ"
صفح بلا منّ ولا أذى.. تسامح مشروط بنقاء القلب، لا بضعف ولا نسيان، بل بقوة من يقدر أن يؤذي فيعفو.
"وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا"
ابتعاد بلا تجريح، اعتزال بلا فضائح.. إنسحاب يحفظ كرامتك وكرامتهم، لأنك أرقى من أن ترد الإساءة بالإساءة.
"فَصَبْرٌ جَمِيلٌ"
صبر بلا شكوى للخلق، بلا تذمّر.. صبر فيه يقين، وسكون، وتوكل على من لا يغفل ولا ينسى.
الغريب إن كل موقف من دول كان ممكن يتم الرد عليه برد فعل عنيف، أو بانفعال، أو حتى بكلام جارح...
لكن ان سلوكك و ردك يكن "جميل" دايمًا كان هو الحل الاسمي الي ربنا بيختاره ليك عشان تظهر قد ايه انت شخص قوي و عندك من السلام النفسي اللي يخلي قلبك خفيف، ونفسك مطمئنة، وربك راضٍ عنك.
الجمال هنا مش ضعف ولا قلة حيلة ... الجمال هو انتصارك على نفسك، لما تختار السلام بدل الصراع، والرحمة بدل القسوة
الجمال هو قربك من الله وقت الغضب، وتحكمك في نفسك وقت الانفعال، وثباتك على الخير وقت ما كل حاجة حواليك بتدفعك للشر."
وفي النهاية لازم أوضح حاجة مهمة:
التسامح والصفح الجميل اللي بنتكلم عليهم هنا مش معناه التنازل عن حقوقك أو السكوت عن الظلم.
في الواقع، القوة الحقيقية تظهر لما تضع حدودك بوضوح وتحمي نفسك من الإساءة، وتواجه السلبية بحزم وعقلانية.
التسامح في هذا السياق هو قوة داخلية تُظهر أنك أكبر من الانفعال والانتقام، أما الحزم فهو سلوك عملي يحميك ويمنع تكرار الأذى.
لا تخطئوا بين القوة والعنف، ولا بين التسامح والضعف.
القوة الحقيقية هي في أن تكون رحيمًا مع نفسك والآخرين، وفي نفس الوقت صارمًا مع كل ما يهدد سلامتك وكرامتك.
يومك جميل...
الكاتب متخصص في التنمية البشرية والصحة النفسية
