اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

رقائق تحت السيطرة.. مأزق أوروبا بين الاعتماد على الصين وتحديات الاستقلال التكنولوجي

الرقائق الإلكترونية
الرقائق الإلكترونية

تشهد أوروبا أزمة تكنولوجية متفاقمة تتجلى في اعتمادها المتزايد على الصين في مجال الرقائق الإلكترونية منخفضة التقنية، وهي رقائق تُستخدم على نطاق واسع في القطاعات الحيوية مثل السيارات، الأجهزة الطبية، والأجهزة المنزلية. وقد دقّت محكمة المدققين الأوروبية ناقوس الخطر، محذّرة من أن هذا الاعتماد "الخطير" يتعارض مع الطموحات الأوروبية في تحقيق السيادة التكنولوجية.

نقطة الانطلاق: قانون طموح وأرقام مخيبة

في عام 2023، أقرّ الاتحاد الأوروبي "قانون الرقائق" الذي يطمح إلى مضاعفة حصة أوروبا في السوق العالمية من الرقائق الإلكترونية إلى 20% بحلول 2030. لكن الواقع الاقتصادي والتقني يشير إلى أن هذا الهدف غير واقعي، حيث توقعت المفوضية الأوروبية الوصول فقط إلى نسبة 11.7%. تقرير محكمة المدققين يؤكد أن أوروبا لا تزال بعيدة عن تحقيق هذا الهدف في ظل هيمنة الصين على نحو ثلث سوق الرقائق منخفضة التقنية، والفجوة المتسعة مع مراكز تصنيع متقدمة مثل تايوان.

عجز استراتيجي متزايد

في عام 2024، سجّل الاتحاد الأوروبي عجزاً تجارياً بقيمة 9.8 مليار يورو مع الصين في قطاع الرقائق، وهو ما يعكس هشاشة سلسلة الإمداد الأوروبية، خصوصاً مع تسارع الطلب على الرقائق في ظل التحول الرقمي والانتقال الأخضر. الشركات الأوروبية الرائدة مثل Infineon وNXP وSTMicroelectronics غير قادرة على مواكبة هذا النمو، ما يفتح الباب أمام مزيد من التبعية للخارج، وخصوصاً للصين.

المخاطر الجيوسياسية وتعقّد الحسابات

تتزايد المخاوف من أن هذا الاعتماد قد يتحول إلى نقطة ضعف جيوسياسية، خاصة في ظل تصاعد التوترات بين الغرب وبكين، ووسط التشكيك في موثوقية حتى الحلفاء التقليديين. كما أن الولايات المتحدة، رغم تنسيقها مع بروكسل، تسلك مساراً محمّلاً بالحمائية التجارية، خاصة في ظل خطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب لفرض رسوم جمركية قد تصل إلى 25% على واردات الرقائق والسيارات، ما يهدد بإعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية.

انعكاسات محتملة وتوصيات مستقبلية

تعكس هذه الأزمة تعقيدات السيادة الصناعية الأوروبية في عالم متعدد الأقطاب، وتضع القارة أمام تحدٍ جوهري: إما تسريع الاستثمار والابتكار المحلي لتقليل الاعتماد على الخارج، أو القبول بدور ثانوي في سباق التكنولوجيا العالمي. وتقتضي المعالجة الشاملة:

تحفيز الاستثمار في البنية التحتية للتصنيع المحلي للرقائق، بما يشمل الرقائق منخفضة وعالية التقنية.
تنويع مصادر الاستيراد بعيداً عن الصين، لتشمل شركاء موثوقين في آسيا أو أميركا الشمالية.
دعم السياسات الصناعية والتجارية المنسّقة داخل الاتحاد، لمواجهة المنافسة غير المتكافئة من الدول المدعومة حكومياً.
إعادة النظر في أهداف قانون الرقائق لتكون واقعية وقابلة للقياس.

موضوعات متعلقة