تحالف دموي.. مشاركة كوريا الشمالية في الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الاستراتيجية

في تصعيد نوعي يعكس تطور التحالف العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ، أفادت وكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية أمام البرلمان، يوم الأربعاء، أن نحو 4700 جندي كوري شمالي قُتلوا أو أصيبوا أثناء مشاركتهم في القتال إلى جانب القوات الروسية ضد أوكرانيا، في مؤشر واضح على تحول الحرب الروسية الأوكرانية إلى ساحة لصراع دولي متعدد الأطراف.
ويأتي هذا التقييم الأمني بعد إعلان كوريا الشمالية، لأول مرة رسميًا قبل يومين، عن نشر وحدات قتالية لدعم روسيا في استعادة السيطرة على منطقة كورسك، وهي منطقة حدودية متاخمة لأوكرانيا تشهد عمليات عسكرية متكررة منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022.
ووفقًا للنائب البرلماني الكوري الجنوبي لي سيونج كويون، الذي حضر جلسة مغلقة للجنة برلمانية خاصة، فإن جهاز الاستخبارات الوطني أوضح أن من بين الخسائر الكورية الشمالية هناك 600 قتيل، بينما جرى إجلاء ما يقرب من 2000 جندي مصاب إلى بيونغ يانغ عبر رحلات جوية وقطارات بين يناير ومارس 2025.
ويُعد هذا الاعتراف الكوري الشمالي العلني بتورطها العسكري إلى جانب روسيا تطورًا بالغ الدلالة، ليس فقط من حيث التأثيرات الميدانية بل أيضًا من حيث الأبعاد الجيوسياسية. فقد برر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون المشاركة بأن الهدف منها هو «إبادة المحتلّين الأوكرانيين من النازيين الجدد»، وهو خطاب يتناغم مع السردية الروسية الرسمية، ويعكس توجّهًا أيديولوجيًا مشتركًا مع موسكو.
ولم يتأخر الرد الروسي، إذ أصدر الرئيس فلاديمير بوتين بيانًا عبّر فيه عن شكره العميق لـ"تضحيات" الجنود الكوريين الشماليين، مؤكدًا أن روسيا «لن تنسى هذه الدماء التي سُفكت في سبيل تحرير أراضيها»، بحسب تعبيره.
البُعد العسكري: مشاركة كوريا الشمالية بقوات مقاتلة إلى جانب روسيا تمثل تحولًا كبيرًا من الدعم السياسي إلى التدخل العسكري المباشر، في سابقة خطيرة من نوعها منذ الحرب الكورية.
البُعد الجيوسياسي:
هذا التدخل يعزز من تحالف استراتيجي ثلاثي غير رسمي بين روسيا، الصين، وكوريا الشمالية، في مقابل محور غربي تقوده الولايات المتحدة وحلف الناتو، ويعمّق الانقسام العالمي.
التداعيات الدولية: مشاركة جنود كوريين شماليين قد تفتح الباب أمام إجراءات دولية أكثر صرامة ضد بيونغ يانغ، بما في ذلك تجديد العقوبات، وإعادة طرح ملفها النووي على الطاولة كعامل تهديد إقليمي وعالمي.
البُعد الإنساني والإعلامي:
الخسائر البشرية الكبيرة، وعمليات الإجلاء الطبية للجنود الجرحى، قد تولد ضغوطًا داخلية في كوريا الشمالية على الرغم من القبضة الأمنية الحديدية، كما تكشف عن حجم التورط الفعلي في الميدان.
هذه التطورات تعكس أن الحرب الروسية الأوكرانية، التي دخلت عامها الرابع، باتت تتخذ أبعادًا تتجاوز الحدود الإقليمية، لتتحول إلى اختبار حقيقي للنظام الدولي الراهن، ولتوازنات القوة في عالم تتسارع فيه التكتلات والتحالفات العسكرية غير التقليدية.