اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

هدنة بوتين في عيد النصر.. مبادرة رمزية تربك جهود ترمب وتعمّق الشكوك الأوروبية

الحرب الروسية الأوكرانية
الحرب الروسية الأوكرانية

تُسلّط الهدنة المؤقتة التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (من 8 إلى 10 مايو) بمناسبة الذكرى الـ80 للانتصار في الحرب العالمية الثانية، الضوء على التباين العميق بين المقاربات الروسية والأميركية لحل النزاع في أوكرانيا، وتكشف في الوقت ذاته هشاشة المساعي الدبلوماسية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترمب نحو وقف إطلاق نار دائم.

1. رمزية الهدنة ومحدودية أثرها:

يُنظر إلى إعلان بوتين عن وقف مؤقت لإطلاق النار كمبادرة ذات طابع رمزي أكثر منها خطوة حقيقية نحو السلام، خاصة وأن الهدنة تتزامن مع عرض عسكري كبير في موسكو واحتفالات وطنية. وعلى الرغم من أن الكرملين عرض استعدادًا للحوار "دون شروط مسبقة"، فإن الهجمات الروسية على كييف باستخدام المسيّرات، والتي جاءت بعد الإعلان مباشرة، قوضت مصداقية المبادرة في نظر الأوكرانيين وحلفائهم الغربيين.

2. زيلينسكي يطالب بوقف طويل وشامل:

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، من جهته، دعا إلى هدنة لا تقل عن 30 يومًا، وأبدى انفتاحًا على المقترح الأميركي الذي تقدمت به واشنطن في 11 مارس، والذي يقضي بوقف شامل للهجمات، لا سيما ضد الأهداف المدنية. هذا يبرز تباينًا واضحًا بين المبادرة الروسية المحدودة زمنياً وبين الطموح الأوكراني لوقف دائم وشامل.

3. ترمب بين المبادرة والضغط الدولي:

ترمب، الذي يسعى لتحقيق إنجاز دبلوماسي خلال أول 100 يوم من ولايته الثانية، يواجه مأزقًا معقدًا. فهو يعرض خطة سلام تشمل وقفًا دائمًا للأعمال العدائية، لكنه يتعرّض لانتقادات واسعة النطاق بسبب ما يُنظر إليه على أنه ميل نحو مواقف روسيا، لا سيما اقتراحه التنازل عن أراضٍ أوكرانية – ومنها القرم – مقابل إنهاء القتال. هذا الاقتراح قوبل برفض صريح من كييف ومن قادة أوروبيين يرون فيه "استسلامًا غير مقبولًا".

4. أوروبا قلقة من "تسوية على حساب أوكرانيا":

الشكوك الأوروبية تجاه مبادرات ترمب تصاعدت، مع تصعيد الخطاب في برلين وبروكسل ضد أية تسوية تُفرض على أوكرانيا. وزير الدفاع الألماني وصف مبادرة ترمب بأنها "عديمة القيمة"، بينما شددت رئيسة المفوضية الأوروبية على دعم "سلام عادل لا يُكرّس الاحتلال". هذا التوتر بين واشنطن وأوروبا يُعمّق الانقسام الغربي حول كيفية إنهاء الحرب.

5. معضلة القرم وإرث ما قبل الحرب:

مقترح ترمب بقبول السيطرة الروسية على القرم يعيد فتح جراح ضمها عام 2014، وهو ما ترفضه أوكرانيا بشدة وتعتبره انتهاكًا للسيادة والدستور. ورغم تلميحات ترمب بأن الاعتراف الأميركي لا يستلزم موافقة أوكرانية، إلا أن هذا التوجه قد يُحدث شرخًا دبلوماسيًا عميقًا، ويُضعف الثقة في نوايا واشنطن لدى كييف.

6. هدنة تحت قوس النصر... أم تحت ظلال الحرب؟

الهدنة الروسية تبدو محاولة لإظهار الانفتاح على السلام أمام المجتمع الدولي، خصوصًا في لحظة حرجة تشهد ضغوطًا من جميع الأطراف. لكن الواقع الميداني لا يشير إلى تهدئة حقيقية، بل إلى استمرار للهجمات وتبادل الاتهامات، ما يضع مصداقية المبادرات الروسية والأميركية على المحك.

الهدنة المؤقتة التي أعلنها بوتين أربكت حسابات ترمب وأحرجت واشنطن أمام حلفائها، في حين لم تُقنع كييف ولا أوروبا بجدّيتها. وبينما يسعى ترمب لإنجاز دبلوماسي سريع، فإن أوكرانيا تصرّ على "سلام حقيقي لا يتضمن تنازلات مذلة"، ويبدو أن أي تسوية تستثني مطلبها الرئيسي باستعادة الأراضي ستبقى عرضة للرفض الشعبي والسياسي.

موضوعات متعلقة