اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

محادثات مسقط النووية.. مفاوضات على شفير التصعيد العسكري بين واشنطن وطهران

إيران
إيران

تشهد الساحة الدولية تصعيداً متسارعاً في الأزمة النووية بين الولايات المتحدة وإيران، في وقت تُستأنف فيه الجولة السادسة من المفاوضات النووية بين الطرفين، المقررة الأحد المقبل في مسقط، عاصمة سلطنة عُمان. تأتي هذه الجولة وسط أجواء مشحونة بالتحذيرات العسكرية، واستنفار أمني، ومواقف متشددة من الجانبين، ما يجعل المفاوضات أشبه بسباق مع الزمن لتفادي انفجار إقليمي واسع النطاق.

وساطة عُمانية.. واستئناف صعب

أعلن وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي عن انعقاد الجولة السادسة من المحادثات الإيرانية-الأميركية، مؤكداً انعقادها في 15 يونيو في مسقط. وتشير استضافة سلطنة عُمان مجدداً إلى استمرارها في لعب دور الوسيط الهادئ، وسط تصاعد الخطابات العسكرية على جانبي الأزمة. يُذكر أن هذه الجولة تأتي بعد خمس جولات سابقة منذ أبريل الماضي، في إطار ما يُعد أعلى مستوى من التواصل بين واشنطن وطهران منذ انسحاب إدارة ترمب من الاتفاق النووي عام 2018.

مواقف أميركية متشددة.. ورسائل تهديد

المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف أكد قبيل اللقاء المرتقب أن "لا يجب السماح لإيران بتطوير قدرات نووية، مهما كان الثمن"، مشيراً إلى أن إيران النووية تُشكل "تهديداً وجودياً لإسرائيل، وللولايات المتحدة، ولدول الخليج".

في موازاة هذه التصريحات، شدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على أن الشرق الأوسط "قد يصبح مكاناً خطيراً"، مبرراً بذلك قراراته الأخيرة بإجلاء موظفي السفارات والقنصليات الأميركية من عدة دول في المنطقة. كما رفعت وزارة الخارجية الأميركية مستوى التحذير من السفر إلى العراق إلى الدرجة الرابعة، وهي أعلى مستوى يُستخدم في حالات الخطر الشديد.

ورغم أن الإدارة الأميركية لم تعلن رسمياً نيتها ضرب إيران، فإن تقارير إعلامية، أبرزها ما نشرته "واشنطن بوست"، تحدثت عن حالة تأهب قصوى في وزارة الدفاع، وسط مخاوف من ضربة إسرائيلية استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

ردود فعل إيرانية نارية

في الجانب الإيراني، تصاعدت نبرة التحدي بشكل لافت. قائد الحرس الثوري حسين سلامي أعلن أن قواته البحرية في مضيق هرمز "جاهزة تماماً للرد على أي تهديد"، مؤكداً أن إيران ستدافع عن مصالحها بكل حزم. من جهته، حذر وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده من أن فشل المحادثات قد يؤدي إلى "ضرب القواعد الأميركية في المنطقة"، في تهديد مباشر غير مسبوق منذ أشهر.

كما أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن بلاده تستعد لتقديم مقترح جديد رداً على ما وصفه بـ"العرض الأميركي غير المقبول"، مضيفاً أن تخصيب اليورانيوم هو "حق سيادي إيراني لا يجوز المساس به".

جوهر الخلاف: التخصيب والمخاوف النووية

النقطة المحورية التي تعرقل الوصول إلى اتفاق تبقى مسألة تخصيب اليورانيوم. بينما تصر إيران على أن نشاطها النووي سلمي ويخضع للرقابة الدولية، ترى واشنطن وحلفاؤها أن استمرار طهران في رفع نسبة التخصيب واستخدام أجهزة طرد متقدمة، لا يُمكن فصله عن نواياها المحتملة لامتلاك سلاح نووي.

وقد قدمت سلطنة عُمان عرضاً أميركياً جديداً لإيران أواخر مايو، يتضمن إطاراً لاتفاق نووي معدل. لكن الرد الإيراني لم يأتِ حتى الآن بشكل رسمي، ما يُبقي الغموض مسيطراً على أجواء الجولة السادسة من المحادثات.

موقف عربي متزن

وفي تطور لافت، دخلت مصر على خط الأزمة، إذ أجرى وزير خارجيتها بدر عبد العاطي اتصالاً هاتفياً مع المبعوث ويتكوف، أكد خلاله على "أهمية استمرار المسار التفاوضي لتجنب التصعيد". يعكس هذا الموقف رغبة عربية واضحة في التهدئة، مع الإدراك التام أن اندلاع صراع مفتوح لن تقتصر تداعياته على إيران وأميركا، بل ستشمل مجمل الإقليم.

خيارات محدودة وآفاق مسدودة؟

من الواضح أن كلا الطرفين يمضيان نحو الجولة القادمة محملين بمواقف متصلبة. إيران، مدفوعة باعتقادها بقدرتها على فرض الأمر الواقع النووي، وأميركا، التي تخشى أن يؤدي التهاون إلى سباق تسلح إقليمي. ومع دخول أطراف كإسرائيل على خط الأزمة، تزداد الاحتمالات نحو خيار عسكري وإن بقي مستبعداً في المدى القصير.

في ظل هذا المشهد، تبقى جولة مسقط فرصة ثمينة، ولكن محفوفة بالمخاطر. نجاحها مرهون بتقديم تنازلات حقيقية من الطرفين، وبقدرة الوسطاء على صياغة تفاهمات جديدة تنقذ الاتفاق النووي من الانهيار التام.

موضوعات متعلقة